Monday, November 2, 2009

لحظات مختلسة

جلست أتأملهما من خلفهما .. كانا يجلسان أمامى ولكنهما كانا فى عالم آخر.. عالم تمنيت كثيرا الانتقال اليه .. منذ فقدته بفقدان زهرتى.. لحظات اختلستها من الزمن وتركتنى الى الآن واهنا

أحسست أن المشهد مكررا وأننى رأيته من قبل .. لا لم أره .. بل خضته، هذه الجلسة المريحة للطرفين .. هذه الرأس الصغيرة التى تستند الى كتف تتمنى لو تهرب اليه طوال الحياة فلا عودة لأهل، ولا عودة لأى مكان آخر لا يوجد فيه هذا الانسان، نفس المشهد بكل تفاصيله .. حتى تلك الأصابع المتشابكة والتى تحس أنها نمت وكبرت داخل بعضها البعض، فلم تكن أبدا فى غير هذا الوضع.

لم اتمالك نفسى من الابتسام عندما لمحت قبلة أخذت خلسة ,, لم اعب على الفتاة ولا على صاحب القبلة، وجدت نفسى أعود ثلاثة سنوات للوراء .. اليوم يوم ميلادى – ليس اليوم وانما الذكرى- ها هى قادمة .. قررت أن تعرفنى بأصغر أفراد العائلة .. ذلك الطفل الرائع الذى نظرت فى عينيه وتمنيت – انا وهى فى الوقت نفسه- أن يملك طفلنا ذات العينين – ذلك حينما كنا نظن أن قصتنا ستتوج بالاندماج الأبدى.

ربع ساعة كانت كل الزمن الذى راقبتهما فيه خلسة – داخل الأتوبيس النهري- ولكنها كانت عمرا كاملا، عمر كامل لهما حيث تعانقت أيديهما وعيناهما وسمت روحاهما الى عالم آخر لا يمت لعالم الحس بصلة، فقط أفكار أكاد أقرأها .. حلم مستقبلى .. بيت تزينه صورة على الجدار لبدلة سوداء بربطة عنق حمراء وفستان أبيض.. غرفة نوم .. وأخرى بجانبها تنتظر وليد يسكنها .. رجل يعود من عمله مكدودا ليجدها تمسح عرقه عن جبهته لتزول معه كل مواجع ومشاكل العمل .. وتعبه وارهاقه كذلك..عفوا

عفوا .. لقد كانت تلك أحلامى أنا معها وانا أنظر فى عينيها .. وللغرابة حولت وجهتى

لم أتجه الى عملى كما كنت .. بل رأيتنى اتخذ وجهة أخرى .. أجوب هذه المدينة لعلها هنا أو هناك .. عادت لى عادتى القديمة التى استولت على لأكثر من عام بعد انفصالنا .. حين كنت أجوب أماكن لقائنا بحثا عنها دون جدوى .. لم ألمحها ولو مرة

بدلت وجهتى مرة اخرى .. هذه ليست أرضها .. ليست مدينتها .. هل أراها لو ذهبت لأرضها .. وأقنعت نفسى..

ولكنى مازلت أذهب .. ومازلت لا أراها .. ومازلت .. أبحث عنها من جديد